فصل: مسألة (74): إذا كان معه من الماء () ما يكفي بعض أعضائه، لزمه استعماله في الجنابة، وهل يلزمه في الوضوء؟ فيه وجهان، أصحهما عندي: أنَّه يلزمه.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق ***


مسائل التيمم

مسألة ‏(‏67‏)‏‏:‏ لا يجوز التَّيمم بغير التُراب

وقال أبو حنيفة ومالك‏:‏ يجوز‏.‏

لنا‏:‏ 416- ما روى الدَارَقُطْنيُ‏:‏ ثنا محمَد بن عبد الله بن غيلان ثنا الحسن بن الجنيد ثنا سعيد بن مسلمة ثنا أبو مالك الأشجعيُ عن رِبعي بن حِرَاش عن حذيفة قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏جعلت لنا الأرض كلها مسجداً، وترابها طهوراً‏"‏‏.‏

وقد ذكرناه في أوَل الكتاب، وبيَّنَّا أنَه قد أخرج في ‏"‏ الصحيح‏"‏‏.‏

ز‏:‏ حديث حذيفة هذا قد تقدَّم أن مسلماً رواه، لكن لفظه‏:‏ ‏"‏وجعلت تربتها لنا طَهوراً ‏"‏ O‏.‏

417- وقال الإمام أحمد‏:‏ ثنا عبد الرحمن بن مهديّ ثنا زُهير عن عبد الله بن محمد بن عَقيلٍ عن محمد بن عليّ أَنه سمع عليَ بن أبي طالبٍ يقول‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏جعل التُراب لي طهوراً‏"‏‏.‏

ز‏:‏ عبد الله بن محمَد بن عَقيلِ‏:‏ مختلف في الاحتجاج بحديثه O‏.‏

احتجُوا‏:‏ 418- بما روى سعيد بن منصور‏:‏ ثنا عيسى بن يونس ثنا المثنَى بن الصَّبَاح عن عمرو بن شُعيبٍ عن ابن المسيَّب عن أبي هريرة‏:‏ أن ناساً من أهل البادية أتوا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالوا‏:‏ إنَّا نكون بالرِّمال الأشهر- الثلاثة والأربعة-، ويكون فينا الجنب والنُفساء والحائض، ولسنا نجد الماء‏.‏

فقال‏:‏ ‏"‏عليكمٍ بالأرض‏"‏‏.‏

ثم ضرب بيده على الأرض لوجهه ضربةً واحدةً، ثم ضرب ضربة أخرى، فمسح بها على يديه إلى المرفقين‏.‏

والجواب‏:‏ أن هذا الحديث لا يصحُ، قال أحمد والرَازيَّ‏:‏ المثنى بن الصَّبَّاح لا يساوي شيئاً‏.‏

وقال يحيى‏:‏ ليس بشيءٍ‏.‏

وقال النسائيُّ‏:‏ متروك الحديث‏.‏

ثمَّ لا حجَّة فيه، لأنه قال‏:‏ ‏"‏عليكم بالأرض‏"‏، والرَّمل والجصُّ والنُّورة في الأرض لا منها، فكأنَّه أمرهم بطلب التُّراب، وقد يكون بين الرَّمل، ويكشف هذا أنه قد رواه أحمد كما قلنا، فقال‏:‏ 419- ثنا عبد الرَّزَّاق ثنا المثنَى بن الصَّبَّاح أخبرني عمرو بن شُعيبٍ عن سعيد بن المسيَّب عن أبي هريرة قال‏:‏ جاء أعرابي إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال‏:‏ يا رسول الله، إني أكون في الرَّمل أربعة أشهر أو خمسة أشهر، فيكون فينا النُّفساء والحائض والجنب، فما ترى‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏عليك بالتُراب‏"‏‏.‏

مسألة ‏(‏68‏)‏‏:‏ يجوز للمتيمم أن يقتصر على وجهه وكفَّيه‏.‏

وقال أبو حنيفة والشَّافعي‏:‏ لا يجزئه إلا مسح الوجه واليدين إل المرفقين‏.‏

لنا‏:‏ 420- ما روى أحمد‏:‏ ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن الحكم عن ذرٍّ عن ابن عبد الرحمن بن أَبْزَى عن أبيه عن عمَّار قال‏:‏ كنت في سريَة، فأجنبت، فتمعكت في التُراب، فلما أتيت النَبيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ذكرت ذلك له، فقال‏:‏ ‏"‏إنما كان يكفيك ‏"‏ وضرب النَبيُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيده إلى الأرض، ثم نفخ فيها، ومسح بها وجهه وكفيه‏.‏

أخرجاه في ‏"‏ الصحيحين‏"‏‏.‏

421- قال أحمد‏:‏ وثنا عفَان ثنا أبان ثنا قتادة عن عَزْرَة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أَبزَى عن أبيه عن عمار أن نبيَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال في التَيمم‏:‏ ‏"‏ضربة للوجه والكفَّين‏"‏‏.‏

فإن قيل‏:‏ فقد روى أبو داود من حديث عمار أَنه قال‏:‏ إلى المرفقين‏.‏

قلنا‏:‏ تلك الطريق يقول فيها قتادة‏:‏ حدَّثني محدَّث عن الشَعبيِّ عن ابن أَبزَى عن عَمار‏.‏

ومثل هذا لا يقدم على روايتنا الصحيحة‏.‏

فإن قيل‏:‏ فقد روى عمَّار‏:‏ إلى الآباط والمناكب‏.‏

قلنا‏:‏ نعم، رواه أحمد‏:‏ 422- ثنا يعقوب ثنا أبي عن صالح قال‏:‏ قال ابن شهاب‏:‏ حدَثني عبيد الله بن عبد الله عن ابن عبَّاس عن عمَّار بن ياسر أنَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عرَّس بالات الجيش، ومعه عائشة، فانقطع عقدٌ لها من جَزْع ظَفَار، فحبس النَاس ابتغاء عقدها ذلك، حتَّى أضاء الفجر، وليس مع النَاس ماء، فأنزل الله عزَّ وجلَّ على رسوله رخصة التَّطهر بالصَعيد الطيب، فقام المسلمون فضربوا الأرض، ثم رفعوا أيديهم ولم يقبضوا من التراب شيئاً، فمسحوا بها وجوههم وأيديهم إلى المناكب، ومن بطون أيديهم إلى الآباط‏.‏

قلت‏:‏ ووجه هذا الحديث أنهم فعلوا هذا بآرائهم، فلمَّا عرَفهم الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حدَّ التيمم، انتهوا إلى قوله‏.‏

ز‏:‏ وروى هذا الحديث‏:‏ أبو داود والنسائيُ بنحوه‏.‏

423- وعن عبيد الله بن عبد الله بن عُتْبة عن عمَّار بن ياسر أنَّه كان يُحدث‏:‏ أنهم تمسَحوا وهم مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالصَعيد لصلاة الفجر، فضربوا بأكفهم الصعيد، ثم مسحوا وجوههم مَسحةَ واحدةَ، ثم عادوا، فضربوا بأكفِّهم الصعيد مرةً أخرى، فمسحوا بأيديهم كلها إلى المناكب والآباط من بطون أيديهم‏.‏

وفي روايةٍ‏:‏ قام المسلمون فضربوا بأكفهم التراب، ولم يَقبِضوا من التراب‏.‏

ولم يذكر المناكب والآباط‏.‏

قال ابن الليث‏:‏ إلى ما فوق المرفقين‏.‏

رواه الإمام أحمد وأبو داود- وهذا لفظه- وابن ماجه، وهو منقطع، عبيد الله بن عبد الله بن عُتبة لم يدرك عمار بن ياسر‏.‏

وقد أخرجه النسائيُ وابن ماجه من حديث عبيد الله بن عبد الله بن عُتبة عن أبيه عن عمار موصولاً مختصراً‏.‏

قال إسحاق بن راهويه‏:‏ حديث عمَّار في التيمُم للوجه والكفَين هو حديثٌ صحيحٌ، وحديث عمَّار‏:‏ تيمَمنا مع النَبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى المناكب والآباط، ليس هو بمخالفٍ لحديث‏:‏ الوجه والكفَين، لأن عماراً لم يذكر أنَ النَبيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمرهم بذلك، وإنَّما قال‏:‏ فعلنا كذا وكذا‏.‏

فلما سأل النَبيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمره بالوجه والكفَّين، والدليل على ذلك‏:‏ ما أفتى به عمَّارٌ بعد النَبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في التيمُم، أَنه قال‏:‏ الوجه والكفين‏.‏

ففي هذا دلالة أنَّه انتهى إلى ما علَّمه النَبيُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ O‏.‏

احتجّوا بأحاديث‏:‏ 425- قال الدَارَقُطنيُ‏:‏ ثنا أبو سعيد محمَد بن عبد الله المروزيَّ ثنا محمَد ابن خلفٍ ثنا أحمد بن حمدويه ثنا أبو معاذ ثنا أبو عصمة عن موسى بن عقبة عن الأعرج عن أبي جهيم قال‏:‏ أقبل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من بئر جمل‏:‏ إمَا من غائطِ، وإمَا من بولِ؛ فسلمت عليه، فلم يرد علي السلام، وضرب الحائط بيده ضربةَ، فمسح بها وجهه، ثمَّ ضرب أخرى، فمسح بها ذراعيه إلى المرفقين، ثمَّ ردَ عَلَي السَّلام‏.‏

قال أبو معاذ‏:‏ وثنا خارجة عن عبد الله بن عطاء عن موسى بن عقبة مثله‏.‏

426- قال الدَارَقُطني‏:‏ وثنا البغوي ثنا أبو الربيع الزهراني ثنا محمد بن ثابتِ العَبدي ثنا نافع عن ابن عمر أن رجلاً مرَّ برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسلم، فلم يردَ عليه حتَّى ضرب بيديه على الحائط، فمسح وجهه، ثمَّ ضرب ضربةً أخرى، فمسح ذراعيه، ثمَّ ردَ على الرَجل السلام‏.‏

427- قال الدَارَقُطني‏:‏ وثنا محمَد بن إسماعيل ثنا عبد الله بن الحسين ابن جابر ثنا عبد الرََّحيم بن مطرِّف ثنا علي بن ظَبيان عن ‏[‏عبيد‏]‏ الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن النَبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏التيمم ضربتان‏:‏ ضربة للوجه، وضربةٌ لليدين إلى المرفقين‏"‏‏.‏

428- قال الدَارَقُطني‏:‏ وثنا محمد بن مخلد ثنا إبراهيم الحربي ثنا عثمان ابن محمد الأنماطي ثنا حَرَمِي بن عمارة عن ‏[‏عزرة‏]‏ بن ثابت عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏التَّيمم ضربتان‏:‏ ضربة للوجه، وضربة للذراعين إلى المرفقين‏"‏‏.‏

429- قال الدَارَقُطْنيُ‏:‏ وثنا الحسين بن إسماعيل ثنا بشر بن موسى ثنا يحيى بن إسحاق ثنا الربيع بن بدر عن أبيه عن جده عن الأسلع قال‏:‏ أراني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كيف أمسح، فضرب بكفيه الأرض، ثم رفعهما لوجهه، ثم ضرب ضربةً أخرى، فمسح ذراعيه- باطنهما وظاهرهما-، حتَّى مسَّ بيده المرفقين‏.‏

والجواب‏:‏ أما حديث أبي جُهيم‏:‏ فإنَ أبا عصمة وخارجة‏:‏ متكلَمٌ فيهما، وقد روي من حديث كاتب الليث، وهو مطعونٌ فيه، وإنَما حديثه الذي في ‏"‏الصحيح ‏"‏‏:‏ 430- رواه البخاريَّ‏:‏ ثنا يحيى بن بكيٍر ثنا الليث عن جعفر بن ربيعة عن عبد الرحمن الأعرج قال‏:‏ سمعت عميراً- مول ابن عبَاسِ- قال‏:‏ دخلنا على أبي جهيم فقال‏:‏ أقبل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من نحو بئر جملِ، فلقيه رجلٌ، فسلَم عليه، فلم يردَّ عليه حتى أقبل على الجدار، فمسح بوجهه ويديه، ثم ردَّ عليه‏.‏

ز‏:‏ وأخرجه مسلمٌ تعليقاً، قال‏:‏ وقال الليث بن سعدٍ

فذكر إسناده، وعنده‏:‏ أبو الجهم O‏.‏

وأمَّا حديث ابن عمر الأوَل‏:‏ ففيه‏:‏ محمَد بن ثابتٍ العَبْدِيَّ، قال وأمَّا حديثه الثَاني‏:‏ فهكذا رواه علي بن ظَبيان مرفوعاً، قال ابن نمير‏:‏ يخطئ في حديثه كله‏.‏

وقال يحيى بن سعيدِ وابن معيِن وأبو داود‏:‏ ليس بشيءٍ‏.‏

وقال النَسائيُّ وأبو حاتم الرازيَّ‏:‏ متروك الحديث‏.‏

وقال أبو زرعة‏:‏ واهي الحديث جداً‏.‏

وقال ابن حِبَان‏:‏ سقط الاحتجاج بأخباره‏.‏

قال الدَارَقُطْنِي‏:‏ وقد وقفه يحيى القطَان وهُشيم وغيرهما، وهو الصَّواب‏.‏

قال‏:‏ رواه سليمان بن أبي داود الحرانيُّ عن سالمٍ ونافعِ عن ابن عمر عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وسليمان‏:‏ ضعيفٌ‏.‏

وقال أبو حاتم الرَّازي‏:‏ ضعيفٌ جداً‏.‏

وقال ابن حِبَّان‏:‏ يروي عن الأثبات ما يخالف حديث الثِّقات، حتَّى خرج عن حدِّ الاحتجاج به‏.‏

وقد رواه سليمان بن أرقم عن الزهريِّ عن سالم‏.‏

وسليمان‏:‏ ليس بشيءٍ بإجماعهم‏.‏

وأمَّا حديث جابر‏:‏ فقد تكلِّم في عثمان بن محمَد‏.‏

وأمَّا حديث الأسلع‏:‏ ففي إسناده‏:‏ الربيع بن بدرٍ، قال أبو حاتم الرازيَّ‏:‏ لا يشتغل به‏.‏

وقال النسائيُ والدارَقُطنيُ‏:‏ متروك الحديث‏.‏

ثم نحن نقول بهذه الأحاديث، ونجيز هذا الفعل، فنجمع بين الأحاديث‏.‏

ز‏:‏ أبو عِصمة في حديث أبي جُهيم هو‏:‏ نوح بن أبي مريم، وهو متروكٌ‏.‏

وخارجة هو‏:‏ ابن مصعب، وقد ضعَّفوه، وقال محمَد بن سعدٍ‏:‏ تركوه‏.‏

والأعرج لم يسمع الحديث من أبي جُهيم، بل بينهم عمير- مولى ابن عبَّاس- كما تقدم‏.‏

وحديث محمَد بن ثابتٍ العبديِّ‏:‏ رواه أبو داود، قال ابن معين في العبديِّ‏:‏ هو ضعيفٌ‏.‏

وفي روايةٍ‏:‏ ليس بشيءٍ‏.‏

وفي روايةٍ‏:‏ ليس به بأسٌ‏.‏

وقال النسائيُ‏:‏ ليس بالقوي‏.‏

وقال أبو الوليد القاضي‏:‏ هو متروكٌ‏.‏

ووثَّقه بعضهم‏.‏

وقد أنكر البخاريَّ على محمَد بن ثابتِ رفع هذا الحديث، وقال‏:‏ خالفه عبيد الله وأيُوب والناس، فقالوا‏:‏ عن نافع عن ابن عمر، فِعلُه‏.‏

قال البيهقيُ‏:‏ ورفعه غير منكرٍ‏.‏

وقال الخطَابي‏:‏ وحديث ابن عمر لا يصحُ، لأنَ محمَد بن ثابتِ العَبديَ ضعيف جداً، لا يحتجُ بحديثه‏.‏

وقال إسحاق بن إبراهيم بن هانئ‏:‏ عرضت على أبي عبد الله- يعني‏:‏ أحمد بن حنبل- حديث محمَد بن ثابتِ، فقال لي‏:‏ هذا حديث منكرٌ، ليس هو مرفوعاً‏.‏

وأما حديث عليَّ بن ظبيان‏:‏ فرواه الحاكم، وقال‏:‏ لا أعلم أحداً أسنده غير ابن ظَبيان، وهو صدوقٌ‏.‏

وقال ابن حِبَّان في عبد الله بن الحسين بن جابرِ‏:‏ يقلب الأخبار ويسرقها، لا يحتج بما انفرد به‏.‏

وأمَّا حديث جابر‏:‏ فلم يذكر المؤلف من تكلُّم في عثمان بن محمَد، وقد روى عنه أبو داود وأبو بكر بن أبي عاصم وغيرهما، وذكره ابن أبي حاتم في كتابه، ولم يذكر فيه جرحاً‏.‏

وقد روى الحديث‏:‏ البيهقي والدَارَقُطنِي وقال‏:‏ كلُهم ثقات، والصُّواب موقوفٌ‏.‏

ورواه الحاكم في ‏"‏ المستدرك ‏"‏ وقال‏:‏ صحيحٌ O‏.‏

مسألة ‏(‏69‏)‏‏:‏ التَّيمم لا يرفع الحدث‏.‏

وقال داود‏:‏ يرفع‏.‏

4131- قال الإمام أحمد‏:‏ ثنا يحيى بن سعيدِ عن عوف حدَّثني أبو رجاء حدَثني عمران بن حُصَينِ قال‏:‏ كنَّا في سفرٍ مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فصلى بالنُّاس، فإذا هو برجلٍ معتزلٍ، فقال‏:‏ ‏"‏ما منعك أن تصلِّي‏؟‏ ‏"‏ قال‏:‏ أصابتني جنابة ولا ماء‏!‏ قال‏:‏ ‏"‏عليك بالصَّعيد‏"‏‏.‏

واشتكى إليه النَاس العطش، فدعا عليَّاً وآخر، فقال‏:‏ ‏"‏ابغيانا الماء‏"‏‏.‏

فذهبا فجاءا بامرأةٍ معها مزاداتان، فأفرغ من أفواه المزادتين، ونودي في الناس، فسقى من شاء واستسقى، وكان آخر ذلك أن أعطى الذي أصابته الجنابة إناءً من ماءٍ، وقال‏:‏ ‏"‏اذهب فأفرغه عليك‏"‏‏.‏

أخرجاه في ‏"‏ الصَحيحين‏"‏‏.‏

432- وقال الدارَقُطني‏:‏ ثنا أبو بكر بن أبي داود ثنا محمَد بن بشَّار ثنا وهب بن جريرِ ثنا أبي سمعت يحيى بن أيُّوب يحدِّث عن يزيد بن أبي حبيب عن عمران بن أبي أنس عن عبد الرَّحمن بن جبير عن عمرو بن العاص قال‏:‏ احتلمت في ليلةٍ باردةٍ- وأنا في غزوة ذات السَّلاسل-، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيمَّمت، ثمَّ صليت بأصحابي الصُّبح، فذُكر ذلك لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال‏:‏ ‏"‏يا عمرو، صليت بأصحابك وأنت جنبٌ‏؟‏‏!‏ ‏"‏ فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال، فقلت‏:‏ إنِّي سمعت الله عز وجلَّ يقول‏:‏ ‏(‏ولا تقتلوا أنفسكم ‏"‏ ‏[‏النساء‏:‏ 29‏]‏‏.‏

فضحك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يقل لي شيئاً‏.‏

ز‏:‏ ورواه‏:‏ الإمام أحمد وأبو داود‏.‏

ورواه الحاكم من رواية عبد الرَّحمن بن جبيِرٍ عن أبي قيسٍ- مولى عمرو- احتجُّوا‏:‏ بحديث حذيفة‏:‏ ‏"‏وجعل ترابها لنا طهوراً‏"‏‏.‏

وقد سبق في أوَّل الكتاب‏.‏

433- وبما رواه الترمذيَّ‏:‏ ثنا محمود بن غَيلان ثنا أبو أحمد الزبيريَّ ثنا سفيان عن خالدِ الحذَاء عن أبي قِلابة عن عمرو بن بُجدان عن أبي ذر أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏إن الصَعيدَ الطيبَ وَضُوءُ المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليمسَّه بشرته، فإنَّ ذلك خيرٌ‏"‏‏.‏

قال الترمذيُّ‏:‏ هذا حديثٌ صحيحٌ‏.‏

وليس لهم في هذين الحديثين حجَّة، لأنَ التراب قائمٌ مقام الطَّهور في إباحة الصلاة، ولو كان طهوراً حقيقةً لما احتاج الجنب بعد التيمم أن يغتسل‏.‏

مسألة ‏(‏70‏)‏‏:‏ يتيمَم لوقت كل صلاةِ‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ يصلي به ما لم يحدث‏.‏

واحتجَ‏:‏ بالحديث المتقدِّم‏:‏ ‏"‏الصعيد وَضوء المسلم‏.‏

واحتجَ أصحابنا‏:‏ 434- بما رواه الدَارَقُطنيُ‏:‏ ثنا أحمد بن محمَد بن سعدان ثنا شُعيب بن أيُوب ثنا أبو يحيى الحِمانيُ عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن مجاهدِ عن ابن عبَّاس قال‏:‏ من السُنَّة أن لا يصلي بالتيمُم أكثر من صلاةٍ واحدةٍ‏.‏

الِحِمانيُ وابن عمارة‏:‏ متروكان‏.‏

ز‏:‏ أبو يحيى الحمانيُ‏:‏ عبد الحميد بن عبد الرحمن، ليس بمتروكٍ، بل هو من رجال ‏"‏ الصحيح ‏"‏، وقد وثَّقه يحيى بن معين وغيره، وضعَّفه أحمد وغيره، وكأنه اشتبه عليه بابنه يحيى بن عبد الحميد، فإنَّه هو المشهور بالضعف‏.‏

وقد رواه عبد الرزاق وغيره عن الحسن بن عمارة‏.‏

435- وعن نافعِ عن ابن عمر قال‏:‏ يتيمَّم لكل صلاةٍ وإن لم يحدث‏.‏

رواه البيهقيُ وقال‏:‏ إسناده صحيحٌ‏.‏

436- وعن هشيم عن حجَّاج عن أبي إسحاق عن الحارث عن عليٍّ رضي الله عنه قال‏:‏ يتيمَّم لكل صلاةٍ‏.‏

رواه البيهقي، وإسناده ضعيفٌ‏.‏

437- وعن عبد الرََّزَّاق عن معمر عن قتادة أنَّ عمرو بن العاص كان يحدث لكل صلاةٍ تيمماً‏.‏

وكان قتادة يأخذ به‏.‏

رواه البيهقي أيضاً، وقال‏:‏ وهذا مرسلٌ‏.‏

438- وروى حرب الكِرمَانيُّ‏:‏ عن عكرمة عن ابن عبَاسِ قال‏:‏ التَّيمم بمنزلة الوضوء، يصلي به- ما لم يحدث- الصَلواتَ كلَّها O‏.‏

مسألة ‏(‏71‏)‏‏:‏ إذا لم يجد ماءً ولا تراباً صلَّى‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ لا يصلِّي‏.‏

لنا‏:‏ 439- ما روى أحمد‏:‏ ثنا ابن نمير ثنا هشام عن أبيه عن عائشة أنَّها استعارت من أسماء قلادةَ، فهلكت، فبعث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجالاً في طلبها، فوجدوها، فأدركتهم الصَّلاة وليس معهم ماء، فصلَّوا بغير وضوءٍ، فشكوا ذلك إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأنزل الله عزَّ وجلَّ آية التَّيمُّم‏.‏

أخرجه البخاري ومسلمٌ‏.‏

احتجوا بحديثين‏:‏ 440- الحديث الأوَل‏:‏ قال الترمذيَّ‏:‏ ثنا هنَّاد ثنا وكيعٌ عن إسرائيل عن سِماَك عن مصعب بن سعدِ عن ابن عمر عن النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏لا يقبل الله صلاةً إلا بطُهُور‏"‏‏.‏

ز‏:‏ انفرد بإخراجه مسلمٌ O‏.‏

الحديث الثَاني‏:‏ قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏لا يقبل الله صلاة امرئ حتَّى يضع الوضوء مواضعه‏"‏‏.‏

وليس فيما ذكروا حجَّة، لأن ذلك محمولٌ على من يقدر على الطهور‏.‏

مسألة ‏(‏72‏)‏‏:‏ إذا خاف الحاضر ضرر البرد تيمَّم، وفي الإعادة روايتان‏.‏

لنا‏:‏ حديث عمرو بن العاص، قال‏:‏ احتلمت في ليلةٍ باردةٍ، فأشفقت، فتيمَّمت، فذكرت ذلك لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلم يقل شيئاً‏.‏

وقد سبق بإسناده‏.‏

ز‏:‏ نقل عن عطاء والحسن في من يخاف ضرر البرد‏:‏ أنَّه يغتسل وإن مات‏.‏

والصحيح أنَّه يجوز له التيمُم، وهو قول أكثر أهل العلم، لحديث عمرو بن العاص‏.‏

فإن تيمَم وصلى، ثم قدر على استعمال الماء، فهل تلزمه الإعادة‏؟‏ فيه روايتان‏:‏ إحداهما‏:‏ لا تلزمه، وهو قول أبي حنيفة ومالك، لحديث عمرو، فإنَّ النبيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يأمره بالإعادة، ولو وجبت لأمره بها، فإنَّه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة‏.‏

والثانية‏:‏ تلزمه الإعادة في الحضر دون السفر، وهو قول أبي يوسف ومحمَّد‏.‏

والأوَل أصحُ‏.‏

وقال الشَافعيُ‏:‏ يعيد الحاضر، وفي المسافر قولان O‏.‏

مسألة ‏(‏73‏)‏‏:‏ إذا كان بعض بدنه صحيحاً، وبعضه جريحاً، غسل الصحيح، وتيمَم للجريح‏.‏

وقال أبو حنيفة ومالك‏:‏ الاعتبار بالأكثر، فإن كان أكثر صحيحاً غسله، وسقط التيمُم، وبعكسه إذا كان جريحاً‏.‏

لنا‏:‏ 441- ما روى الدَارَقُطنِيُ‏:‏ ثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث ثنا موسى بن عبد الرحمن الحلبيُ ثنا محمَد بن سلمة عن الزبير بن خُرَيق عن عطاءٍ عن جابرٍ قال‏:‏ خرجنا في سفرٍ، فأصاب رجلاً منَّا حَجَرٌ، فشجَّه في رأسه، ثمَّ احتلم، فسأل أصحابه‏:‏ هل تجدون لي رخصةً في التيمُم‏؟‏ فقالوا‏:‏ ما نجد لك رخصةً وأنت تقدر على الماء‏.‏

فاغتسل، فمات، فلمَّا قدمنا على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخبر بذلك، فقال‏:‏ ‏"‏قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذا لم يعلموا‏؟‏‏!‏ فإنَما شفاء العِيَّ السؤال، إنَّما كان يكفيه أن يتيمَم، ويعصر- أو‏:‏ يعصب- على جرحه، ثم يمسح عليه، ويغسل سائر جسده ‏"‏ شك موسى‏.‏

ز‏:‏ وروى هذا الحديث أبو داود عن موسى‏.‏

والزُّبير‏:‏ ذكره ابن حِبَّان في كتاب ‏"‏ الثقات‏"‏‏.‏

وقال الدارَقُطنِي‏:‏ قال أبو بكر- يعني‏:‏ ابنَ أبي داود-‏:‏ هذه سنَّةٌ تفرَد بها أهل مكَّة، وحملها أهل الجزيرة‏.‏

ثمَّ قال الدارَقُطني‏:‏ لم يروه عن عطاء عن جابر غير الزبير بن خُريق، وليس بالقويِّ، وخالفه الأوزاعيُ، فرواه عن عطاء عن ابن عبَّاس‏.‏

واختلف على الأوزاعي‏:‏ فقيل‏:‏ عنه عن عطاء‏.‏

وقيل‏:‏ عنه بلغني عن عطاء‏.‏

وأرسل الأوزاعيُّ آخره عن عطاء عن النَّبيٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو الصَّواب‏.‏

وقال عبد الرَّحمن بن أبي حاتم‏:‏ سألت أبي وأبا زرعة عنه فقالا‏:‏ رواه ابن أبي العشرين عن الأوزاعيِّ عن إسماعيل بن مسلم عن عطاء عن ابن عبَّاس‏.‏

وأفسد الحديث O‏.‏

مسألة ‏(‏74‏)‏‏:‏ إذا كان معه من الماء ‏[‏‏]‏ ما يكفي بعض أعضائه، لزمه استعماله في الجنابة، وهل يلزمه في الوضوء‏؟‏ فيه وجهان، أصحهما عندي‏:‏ أنَّه يلزمه‏.‏

وقال مالك وأبو حنيفة‏:‏ لا يلزمه‏.‏

وللشافعيِّ قولان‏.‏

لنا‏:‏ 442- ما روى البخاريَّ‏:‏ ثنا إسماعيل حدَثني مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النَبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَه قال‏:‏ ‏"‏إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم‏"‏‏.‏

وأخرجه مسلم‏.‏

مسألة ‏(‏75‏)‏‏:‏ لا يتيمَم للجنازة والعيد مع وجود الماء‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ يتيمَم إذا خاف الفوات‏.‏

وعن أحمد في الجنازة كقوله‏.‏

احتجُّوا‏:‏

443- بما رواه ابن عَدِي‏:‏ ثنا محمد بن عبد الله بن فضيلِ ثنا يمان بن سعيدِ ثنا وكيع بن الجرَّاح ثنا المعافى بن عمران عن مغيرة بن زياد عن عطاء عن ابن عبَّاس عن النَبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏إذا فجئتك الجنازة وأنت على غير وضوء فتيمَّم‏"‏‏.‏

قال ابن عَدِي‏:‏ هذا غير محفوظٍ رَفعُه، وإنَّما هو موقوفٌ على ابن عبَّاس‏.‏

وقال أحمد‏:‏ ‏[‏مغيرة‏]‏ بن زيادِ ضعيف الحديث، حدَّث بأحاديث مناكير، وكلُّ حديث رفعه هو منكرٌ‏.‏

مسألة ‏(‏76‏)‏‏:‏ إذا اشتبهت الأواني الطَّاهرة بالنَّجسة لم يتحرّ‏.‏

وقال الشافعي‏:‏ يتحرّى‏.‏

لنا حديثان‏:‏ 444- الحديث الأوَّل‏:‏ قال البخاريُّ‏:‏ ثنا حفص بن عمر ثنا شعبة عن ابن أبي السفر عن الشعبيَّ عن عدي بن حاتم قال‏:‏ سألتُ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال‏:‏ ‏"‏إذا أرسلتَ كلبَك المعلَّم فقتل فكُل، فإذا أكلَ فلا تأكُل، فإنَما أمسكَهُ على نفسه‏"‏‏.‏

قلت‏:‏ أُرسلُ كلبي فأجدُ معه كلباً آخر‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏فلا تأكُل، فإنَّما سمَّيت على كلبِك، ولم تسمَّ على كلبٍ آخر‏"‏‏.‏

أخرجه مسلمٌ‏.‏

445- الحديث الثاني‏:‏ قال أحمد‏:‏ ثنا يحيى بن سعيدِ عن شعبة حدَثني بُريد بن أبي مريم عن أبي ‏[‏الحوراء‏]‏ عن الحسن بن علي عن النَبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَه كان يقول‏:‏ ‏"‏دع ما يريبك إلى ما لا يريبك‏"‏‏.‏

ز‏:‏ رواه الترمذيَّ والنسائيُ من حديث شعبة، وصحَحه الترمذيَّ‏.‏

وأبي ‏[‏الحوراء‏]‏‏:‏ اسمه‏:‏ ربيعة بن شيبان، وقد وثَقه النسائيُ وابن حِبَّان‏.‏

وبُريد بن أبي مريم السَّلولي‏:‏ ثقةٌ O‏.‏

مسائل الحيض

مسألة ‏(‏77‏)‏‏:‏ يجوز الاستمتاع من الحائض بما دون الفرج، خلافا لهم في قولهم‏:‏ لا يحل- إلا ما فوق الإزار‏.‏

لنا حديثان‏:‏ 446- الحديث الأوَل‏:‏ قال أحمد‏:‏ ثنا عبد الرحمن ثنا حمَّاد بن سلمة عن ثابتِ عن أنسِ أنَ اليهود كانوا إذا حاضت المرأة منهم، لم يؤاكلوها، ولم يجامعوها في البيوت، فسألَ أصحابُ النَبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَبيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأنزل الله عز وجل‏:‏ ‏(‏ويسألونك عن المحيض قل هو أذىَ‏)‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 222‏]‏، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏اصنعوا كل شيء إلا النكاح‏"‏‏.‏

انفرد بإخراجه مسلم‏.‏

447- الحديث الثاني‏:‏ قال أبو داود‏:‏ ثنا موسى بن إسماعيل ثنا حماد عن أيُوب عن عكرمة عن بعض أزواج النَبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَ النَبيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا أراد من الحائض شيئاً، ألقى على فَرْجِها ثوباً‏.‏

ز‏:‏ انفرد بهذا الحديث أبو داود، وإسناده صحيح O‏.‏

احتجُوا بحديثين‏:‏

448- الحديث الأوَل‏:‏ قال أحمد‏:‏ حدَثنا ‏[‏ابن‏]‏ فضيل عن الشيباني عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن عائشة قالت‏:‏ كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يباشر نساءه فوق الإزار، وهنَّ حُيَّض‏.‏

أخرجاه في ‏"‏ الصحيحين‏"‏‏.‏

449- الحديث الثاني‏:‏ قال سعيد بن منصور‏:‏ ثنا عبد العزيز عن صفوان بن سُليم عن عطاء بن يسار قال‏:‏ قال رجلٌ‏:‏ يا رسول الله، ما يحل لي من امرأتي وهي حائضٌ‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏تشدُ إزارها، ثم شأنك بأعلاها‏"‏‏.‏

هذا حديث مرسلٌ‏.‏

450- ز‏:‏ عن ميمونة أنَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يباشر المرأة من نسائه وهي حائضٌ، إذا كان عليها إزار إلى أنصاف الفخذين، أو الركبتين، تحتَجِزُ به‏.‏

رواه الإمام أحمد والنسائيُ وأبو داود- وهذا لفظه- وأبو حاتم ابن حِبَّان في ‏"‏ صحيحه‏"‏‏.‏

وفي رواية أحمد‏:‏ محتجزةٌ به‏.‏

450/أ- وعن أبي إسحاق عن عاصم بن عمرو عن عمير- مولى عمر- قال‏:‏ جاء نفر من أهل العراق إلى عمر بن الخطَّاب، فقال لهم عمر‏:‏ أبإذنٍ جئتم‏؟‏ قالوا‏:‏ نعم‏.‏

قال‏:‏ فما جاء بكم‏؟‏ قالوا‏:‏ جئناك نسأل عن ثلاث‏.‏

قال‏:‏ وما هنَّ‏؟‏ قالوا‏:‏ صلاة الرجل في بيته ما هي‏؟‏ وما يصلح للرجل من امرأته وهي حائضٌ‏؟‏ وعن الغسل من الجنابة‏؟‏ قال‏:‏ أسحرةٌ أنتم‏؟‏‏!‏ قالوا‏:‏ لا والله، يا أمير المؤمنين، ما نحن بسحرة‏.‏

قال‏:‏ لقد سألتموني عن ثلاثٍ ما سألني عنهن أحدٌ- منذ سألتُ عنهن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قبلكم‏!‏‏!‏ أمَّا صلاة الرجل في بيته تطوعاً‏:‏ فنوِّر بيتك ما استطعت؛ وأمَّا الحائض‏:‏ فلك ما فوق الإزار، وليس لك ممَّا تحته شيءٌ؛ وأما الغسل من الجنابة‏:‏ فتفرغ بيمينك على شمالك فتغسلهما، ثم تدخل يدك في الإناء فتغسل فرجك وما أصابك، ثم توضأ وضوءك للصلاة، ثم تفرغ على رأسك ثلاث مرَاتِ، تدلك رأسك كلَّ مرةٍ، ثم تغسل سائر جسدك‏.‏

رواه أبو يعلى الموصليُ في ‏"‏ مسنده ‏"‏‏:‏ ثنا أبو خيثمة ثنا عبد الله بن جعفر الرقِّي ثنا عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن أبي إسحاق فذكره‏.‏

وروى ابن ماجه منه ذكر الصلاة‏.‏

ورواه الطَّبراني والبيهقي بكماله‏.‏

وسئل عنه الدارَقُطني فذكر الاختلاف فيه، قال‏:‏ والحديث حديث زيد ابن أبي أنيسة ومن تابعه عن أبي إسحاق‏.‏

وقال‏:‏ زيد بن أبي أنيسة ورَقبة بن مَصقَلة وأبو حمزة السُّكريُّ فقالوا‏:‏ عن عاصم بن عمرو عن عمير‏.‏

وعاصم بن عمرو- ويقال‏:‏ ابن عوفِ- البجلي الكوفي‏:‏ أحد الشِّيعة، قال فيه أبو حاتم‏:‏ صدوقٌ‏.‏

وكتبه البخاريُّ في كتاب ‏"‏ الضُّعفاء ‏"‏، فقال أبو حاتم‏:‏ يحوَّل من هناك‏.‏

وذكره ابن حِبَّان في كتاب ‏"‏ الثقات‏"‏‏.‏

451- وقال أبو داود‏:‏ حدَّثنا هارون بن محمَّد بن بكار ثنا مروان- يعنى‏:‏ ابن محمد- ثنا الهيثم بن حميد ثنا العلاء بن الحارث عن حرام بن حكيم عن عمه أنه سأل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ما يحلُّ لي من امرأتي وهي حائضٌ‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏لك ما فوق الإزار‏"‏‏.‏

العلاء بن الحارث‏:‏ ثقةٌ من رجال ‏"‏ الصحيح ‏"‏، وقد تكلَّم فيه بعضهم‏.‏

وحرام بن حكيم الأنصاريَّ‏:‏ وثقه دحيم والعجليُ، وضعَّفه ابن حزم‏.‏

452- وعن معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه قال‏:‏ سألتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ما يحلُ للرجل من امرأته وهي حائضٌ‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏ما فوق الإزار، والتعفُّف عن ذلك أفضل‏"‏‏.‏

رواه أبو داود، وقال‏:‏ ليس بالقويِّ O‏.‏

مسألة ‏(‏78‏)‏‏:‏ إذا أتى امرأته وهي حائضٌ تصدَّق بدينارٍ أو نصف دينارٍ

وعنه‏:‏ يستغفر الله تعال، كقولهم، إلا أن الشافعيَ قال في القديم‏:‏ إن وطئ في إقبال الدم تصدَّق بدينارٍ، وفي إدباره بنصف دينارٍ‏.‏

لنا‏:‏ 453- ما روى أحمد‏:‏ ثنا يحيى عن شعبة عن الحكم عن عبد الحميد بن عبد الرحمن عن مِقسم عن ابن عبَّاس عن النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الذي يأتي امرأته وهي حائض، قال‏:‏ ‏"‏يتصدَّق بدينارٍ، أو بنصف دينارٍ‏"‏‏.‏

قال أحمد‏:‏ لم يرفعه عبد الرَحمن ولا بَهز‏.‏

454- قال أحمد‏:‏ وثنا يونس ثنا حمَّاد بن سلمة عن عطاء العطَّار عن عكرمة عن ابن عبَّاس أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏يتصدَّق بدينار، فإن لم يجد ديناراً، فنصف دينارٍ ‏"‏ يعني في الذي يغشى امرأته حائضاً‏.‏

ز‏:‏ وقد روى اللفظ الأول‏:‏ أبو داود وابن ماجه والنَّسائي والحاكم وصححه‏.‏

وقال أبو داود‏:‏ هكذا الروايةُ الصَّحيحة، قال‏:‏ ‏"‏دينار أو نصف دينار‏"‏‏.‏

وربَّما لم يرفعه شعبة‏.‏

وقد صحَح هذا الحديث أيضاً‏:‏ ابنُ القطَّان‏.‏

وقال أبو داود‏:‏ سمعت أحمد يقول- وقد سُئل عن الرجل يأتي امرأته وهي حائض- قال‏:‏ ما أحسن حديث عبد الحميد‏.‏

قيل له‏:‏ فتذهب إليه‏؟‏ قال‏:‏ نعم O‏.‏

وقد احتجُّوا للقول القديم للشَّافعي‏:‏ 455- بما رواه التِّرمذي‏:‏ ثنا الحسين بن حُريث ثنا الفضل بن موسى عن أبي حمزة السكَريٌ عن عبد الكريم عن مِقسَم عن ابن عبَّاس عن النبيٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏إذا كان دماً أحمرَ فدينارٌ، وإذا كان دماً أصفرَ فنصفُ دينارٍ‏"‏‏.‏

عبد الكريم هو‏:‏ البصريُّ، ضعيفٌ جداً، كان أيُّوب السختياني يرميه بالكذب، وقال أحمد ويحيى‏:‏ ليس هو بشيءٍ‏.‏

وقال السَعدي‏:‏ غير ثقةِ‏.‏

وقال الدَارَقُطني‏:‏ متروكٌ‏.‏

وذكر أبو داود هذا الحديث عن ابن عباس موقوفاً‏.‏

ز‏:‏ عبد الكريم‏:‏ ليس هو‏:‏ ابن أبي المخارق البصري، وإنَّما هو‏:‏ ابن مالكِ الجزرِي، أحد الثقات‏.‏

كذا ذكره بعض من جمع الأطراف‏.‏

وقد قيل‏:‏ إنَّه أبو أميَة- كما ذكر المؤلف-، لأَنه هكذا جاء مصرحًا به في بعض الروايات‏.‏

وقال عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب ‏"‏ العلل ‏"‏‏:‏ حدَّثني أبي ثنا سفيان عن عبد الكريم بن أمية عن مِقْسَم عن ابن عباس‏:‏ إذا أتى امرأته وهي حائض‏.‏

قيل لسفيان‏:‏ يا أبا محمَد هذا مرفوعٌ‏.‏

فأبى أن يرفعه، وقال‏:‏ أنا أعلم به‏.‏

يعني‏:‏ أبا أميَّة‏.‏

فيحتمل أن يكون الجَزَرِيُّ وأبو أميه روياه عن مِقسَم‏.‏

وقد رواه النسائيُّ‏:‏ عن إسحاق بن إبراهيم عن سفيان؛ وعن محمَد بن كامل المروزي عن هُشيم عن الحجاج؛ كلاهما عن عبد الكريم به‏.‏

ورواه ابن ماجه عن عبد الله بن الجرَاح عن أبي الأحوص عن عبد الكريم نحوه‏.‏

456- وقال أبو يعلى الموصليُ في ‏"‏ مسنده ‏"‏‏:‏ ثنا علي بن الجَعد أنا أبو جعفرٍ الرازيَّ عن عبد الكريم بن أبي المُخَارق عن مِقسم عن ابن عباسٍ عن النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في رجلٍ جامع امرأته وهي حائضٌ، فقال‏:‏ ‏"‏إن كان دما عبيطًا فليتصدَّق بدينارٍ، وإن كان فيه صفرة فنصف دينارٍ‏"‏‏.‏

وقد رواه ابن جريج وسعيد بن أبي عَروبة وهشام الدَستوائيُ وغيرهم عن عبد الكريم أبي أُمية، والله أعلم‏.‏

وقال الترمذي في هذا الحديث‏:‏ روي عن ابن عباس، يرفعه بعضهم، وبعضهم موقوفٌ‏.‏

وقال أبو داود‏:‏ روى الأوزاعي عن يزيد بن أبي مالك عن عبد الحميد ابن عبد الرَحمن عن النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال‏:‏ أمره أن يتصدق بخُمُسَي دينار‏.‏

وهذا منقطعٌ‏.‏

وقال الحافظ زكي الدين عبد العظيم المنذري‏:‏ هذا الحديث قد وقع الاضطراب في إسناده ومتنه، فروي مرفوعاً وموقوفَا، ومرسلًا ومعضلًا‏.‏

وقال عبد الرحمن بن مهدي‏:‏ قيل لشعبة‏:‏ إنك كنت ترفعه‏؟‏ قال‏:‏ إني كنت مجنونًا‏:‏ فصححت‏!‏ وأمَّا الاضطراب في متنه‏:‏ فروي‏:‏ ‏"‏بدينار أو نصف دينار ‏"‏ على الشَك؛ وروي‏:‏ ‏"‏يتصدق بدينار، فإن لم يجد فبنصف دينار ‏"‏؛ وروي فيه التفرقة بين أن يصيبها في الدَّم أو في انقطاع الدَم؛ وروي‏:‏ ‏"‏يتصدق بخُمُسَي دينار ‏"‏؛ وروي‏:‏ ‏"‏يتصدق بنصف دينار ‏"‏؛ وروي‏:‏ ‏"‏إذا كان دمًا أحمر فدينارٌ، وإذا كان دمًا أصفر فنصف دينار ‏"‏؛ وروي‏:‏ ‏"‏إن كان دمًا عبيطًا فليتصدق بدينار، وإن كان صفرةً فنصف دينارٍ‏"‏‏.‏

وقال الخطَّابي‏:‏ وقال أكثر العلماء‏:‏لا شيءَ عليه، ويستغفر الله، وزعموا أن هذا الحديث مرسلٌ أو موقوف على ابن عبَّاس، ولا يصح متصلًا مرفوعاً، والذِّمم بريَّةٌ إلا أن تقوم الحجة بشغلها‏.‏

وقال أبو علي بن السكن‏:‏ هذا حديث مختلف في إسناده ولفظه، ولا يصحُ مرفوعاً، ولم يصححه البخاريَّ، وهو صحيح من كلام ابن عبَّاسٍ‏.‏

وقد خالفه ابن القطَّان في هذا ورد عليه، وصحَح الحديث O‏.‏

مسألة ‏(‏79‏)‏‏:‏ المستحاضة إذا كانت لها أيَّام معروفة رُدت إلى أيَّامها لا إلى التَّمييز‏.‏

وقال الشافعيُ‏:‏ يقدَّم التَّمييز على العادة‏.‏

لنا‏:‏ 457- ما روى الدَارَقُطْنيُ‏:‏ ثنا عبد الله بن محمَد ثنا ابن زنجويه ثنا ‏[‏مُعلى‏]‏ بن أسد ثنا وهيب ثنا أيُّوب عن سليمان بن يسار أنَ فاطمة بنت أبي حُبيشِ استحيضت، فأمرت أمَ سلمة أن تسأل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال‏:‏ ‏"‏تدع الصلاة أيَّام أقرائها، ثم تغتسل، وتستدفر بثوب، وتصلي‏"‏‏.‏

ز‏:‏ رواه الإمام أحمد بنحوه‏.‏

وقال الدارَقُطني في رواته‏:‏ كلهم ثقات‏.‏

458- وعن عائشة أن أمٌ حبيبة بنت جَحشٍ كانت تحت عبد الرَحمن بن عوفٍ، وأنها استحيضت فلا تطهر، فذكر شأنها لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال‏:‏ ‏"‏ليست بالحيضة، ولكنها رَكضةٌ من الرحم، فلتنظر قدر قُرئها الذي كانت تحيض له، فلتترك الصَّلاة، ثم لتنظر ما بعد ذلك فلتغتسل عند كل صلاةٍ‏"‏‏.‏

رواه الإمام أحمد- واللفظ له- والنسائي‏.‏

459- وعن فاطمة بنت أبي حُبيش قالت‏:‏ أتيت عائشة، فقلت لها‏:‏ أمَ المؤمنين، قد خشيتُ أن لا يكون لي حظٌ في الإسلام، ‏[‏وأن أكون من أهل النَار‏!‏ أمكث ما شاء الله من يوم استحاض، فلا أصلي لله عزّ وجل صلاةً‏!‏ قالت‏:‏ اجلسي حتى يجيء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

فلما جاء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قالت‏:‏ يا رسول الله، هذه فاطمة بن أبي حُبيش تخشى أن لا يكون لها حظٌ في الإسلام،‏]‏ وأن تكون من أهل النار، تمكث ما شاء الله من يوم تستحاض، فلا تصلي لله فيه صلاة‏.‏

فقال‏:‏ ‏"‏مري فاطمة بنت أبي حُبيش فلتمسك من كل شهر عدد أيام أَقرَائِها، ثم تغتسلُ وتحتشِي وتستثفِر بثوبٍ، ثم تطهر عند كل صلاة، وتصلي، فإنما ذلك‏:‏ رَكضةٌ من الشيطان، أو عِرقْ انقطع، أو داءٌ عرض ‏[‏لها‏]‏‏"‏‏.‏

رواه الإمام أحمد والدَارَقُطني والحاكم وصححه‏.‏

وهو من رواية‏:‏ عثمان بن ‏[‏سعدِ‏]‏ الكاتب، قال يحيى بن معينِ‏:‏ ضعيفٌ‏.‏

وقال مرةَ‏:‏ ليس بذاك‏.‏

وقال أبو زرعة‏:‏ لين‏.‏

وقال أبو حاتم‏:‏ شيخٌ‏.‏

وقال النسائي والدارَقُطْني‏:‏ ليس بالقوي‏.‏

وقال ابن حِبان‏:‏ لا يجوز الاحتجاج به‏.‏

وقال الحاكم‏:‏ بصري ثقةٌ‏.‏

460- وعن فاطمة أنَّها أتت النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فشكت إليه الدَّم، فقال لها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏إنَّما ذلك عرقٌ، فانظري إذا أتاك قرؤُكِ فلا تصلي، فإذا مرَّ القُرءُ، فتطهري، ثم صلي ما بين القرء إلى القُرء‏"‏‏.‏

رواه الإمام أحمد وأبو داود والنَّسائي‏.‏

وفي إسناده‏:‏ المنذر بن المغيرة، سئل عنه أبو حاتم الرازي فقال‏:‏ هو مجهولٌ، ليس بمشهورِ‏.‏

وقال النسائي‏:‏ قد روى هذا الحديث هشام بن عروة عن عروة، ولم يذكر فيه ما ذكر المنذر O‏.‏

احتجُّوا‏:‏ 461- بما روى الدارَقُطني‏:‏ ثنا علي بن عبد الله بن مبشر ثنا محمد بن المثنى ثنا ابن أبي عَدي عن محمد بن عمرو قال‏:‏ حدثني ابن شهابِ عن عروة ابن الزبير عن فاطمة بنت أبي حُبيش أنَّها كانت تُستحاض، فقال لها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏إذا كان دم الحيض، فإنه أسودٌ يعرف، فإذا كان ذاك فأمسكي عن الصَّلاة، فإذا كان الأخر فتوضئي وصلَّي‏"‏‏.‏

ز‏:‏ رواه أبو داود والنسائي- وقال‏:‏ وقد روى هذا الحديث غير واحدِ ولم يذكر أحد منهم ما ذكر ابن أبي عَدِي والله أعلم- وأبو حاتم بن حِبَّان في ‏"‏ صحيحه‏"‏‏.‏

وقال الدارَقُطْني‏:‏ رواته كلهم ثقات‏.‏

ورواه الحاكم، وقال‏:‏ هو على شرط مسلم‏.‏

وقال عبد الرَّحمن بن أبي حاتم‏:‏ سألت أبي عن حديثِ رواه محمَّد بن أبي عَدِي عن محمد بن عمرو عن الزُّهري عن عروة عن فاطمة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لها‏:‏ ‏"‏إذا رأيتِ الدم الأسود فأمسكي عن الصَّلاة، وإذا كان الأحمر فتوضَّئي‏"‏‏.‏

فقال أبي‏:‏ لم يتابع محمد بن عمرو على هذه الرِّواية، وهو منكرٌ O‏.‏

مسألة ‏(‏80‏)‏‏:‏ النَّاسية التي لا تمييز لها تحيَّض ستًّا أو سبعًا‏.‏

وقال الشَّافعي‏:‏ لا تحيَّض شيئاً‏.‏

لنا‏:‏ 462- ما روى أحمد‏:‏ ثنا عبد الملك بن عمرو ثنا زهير بن محمد عن عبد الله بن محمد بن عَقيل عن إبراهيم بن محمَد بن طلحة عن عمران بن طلحة عن أمه حَمنة بنت جَحشِ قالت‏:‏ كنت أُستحاض حيضةً شديدةً، فجئتُ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أستفتيه وأخبره، فوجدتُه في بيت أختي زينب بنت جَحشِ، فقلت‏:‏ يا رسول الله، إن لي إليك حاجة‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏وما هي‏؟‏ ‏"‏ قلت‏:‏ إني أُستحاض حيضةً كبيرةً شديدةً، فما ترى فيها‏؟‏ قد منعتني الصَّلاة والصِّيام‏!‏ فقال‏:‏ ‏"‏أنعتُ لك الكُرسُف، فإنه يذهب الدَّم‏"‏‏.‏

قالت‏:‏ هو أكثر من ذلك‏!‏ قال‏:‏ ‏"‏فاتخذي ثوبًا‏"‏‏.‏

قلت‏:‏ هو أكثر من ذلك‏!‏ قال‏:‏ ‏"‏فتلجَّمي‏"‏‏.‏ قالت‏:‏ إنَّما أثج ثجا‏!‏ فقال لها‏:‏ ‏"‏سآمرك بأمرين، أيهما فعلت فقد أجزأ عنك من الآخر، فإن قويت عليهما فأنت أعلم‏"‏‏.‏

فقال لها‏:‏ ‏"‏إنما هذه ركضةٌ من ركضات الشيطان، فتحيَّضي ستَّة أيَّام، أو سبعة أيَّام في علم الله، ثم اغتسلي، حتى إذا رأيت أنك قد طهرت، واستنقأت، فصلّ أربعًا وعشرين ليلة، أو ثلاثًا وعشرين ليلة، وأيامها، وصلي وصومي، فإن ذلك يجزئك، وكذلك فافعلي كل شهرٍ، كما تحيض النساء، وكما يطهرن، لميقات حيضهن، وطهرهن، فإن قويت على أن تؤخِّرين الظهر، وتعجلين العصر، ثُم تغتسلي، وتجمعين بين الصلاتين، فافعلي، وتغتسلين مع الفجر، وتصلين، وكذلك فافعلي، وصلِّي، وصومي إن قويت على ذلك‏"‏‏.‏

قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏هذا أعجبُ الأمرين إليَّ‏"‏‏.‏

قال أحمد والترمذي‏:‏ هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ‏.‏

ز‏:‏ ورواه أبو داود وابن ماجه والحاكم والترمذي، وقال‏:‏ هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ‏.‏

ورواه عبيد الله بن عمرو الرقّي وابن جُريج وشَريك عن عبد الله بن محمَّد بن عَقِيلِ عن إبراهيم بن محمد بن طلحة عن عمّه عمران عن أمّه حَمنة، إلا أنَّ ابن جريج يقول‏:‏ ‏(‏عمر بن طلحة‏)‏ والصَّحيح‏:‏ ‏(‏عمران بن طلحة‏)‏‏.‏

وسألتُ محمدَا عن هذا الحديث فقال‏:‏ هو حديثٌ حَسَنٌ‏.‏

وهكذا قال أحمد بن حنبل‏:‏ هو حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ‏.‏

وقال أبو داود‏:‏ رواه عمرو بن ثابتِ عن ابن عَقيل فقال‏:‏ قالت حَمنة‏:‏ هذا أعجبُ الأمرين إليَّ‏.‏

لم يجعله قولَ النَبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

قال أبو داود‏:‏ كان عمرو بن ثابت رافضيًّا- وذكره عن يحيى بن معيِن-‏.‏

هذا آخر كلامه‏.‏

وعمرو بن ثابت- هذا-‏:‏ هو أبو ثابت، ويعرف بـ‏:‏ ابن أبي المقدام، قال عباس الداوري عن يحيى بن معيِن‏:‏ ليس بثقةِ، ولا مأمون‏.‏

وقال أبو زرعة وأبو حاتم‏:‏ ضعيف الحديث‏.‏

زاد أبو حاتم‏:‏ يكتب حديثه، كان ردئ الرأي، شديد التَّشيُّع‏.‏

وقال النسائي‏:‏ متروك‏.‏

وقال ابن حِبَّان‏:‏ يروي الموضوعات عن الأثبات‏.‏

وروى هذا الحديث أيضاً‏:‏ الدارَقُطني وقال‏:‏ تفرد به ابن عَقيل، وليس بالقوي‏.‏

وقال الخطَابي‏:‏ وقد ترك بعض العلماء القول بهذا الحديث، لأنَّ ابن عَقيل- راويه- ليس بذاك‏.‏

وقال البيهقي‏:‏ تفرد به عبد الله بن محمد بن عَقيل، وهو مختلفٌ في الاحتجاج به‏.‏

وقال عبد الرَحمن بن أبي حاتم‏:‏ سألتُ أبي عن حديثِ رواه ابن عَقيل عن إبراهيم بن محمد عن عمران بن طلحة عن أمه حَمنة بنت جَحشِ في الحيض، فوهَنه ولم يقوِّ إسناده O‏.‏

مسألة ‏(‏81‏)‏‏:‏ إذا رأت الدَم قبل أيَّامها، أو بعد أيَّامها، ولم يجاوز أكثر الحيض

فما رأته في أيَّامها فهو حيضٌ، وما رأته قبل أيَّامها، أو بعدها، فهو مشكوكٌ فيه، حتى يتكرر ثلاثَا، فيكون حيضَا‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ ما رأته قبل أيَّامها فهو استحاضة، حتى تراه في الشهر الثَاني، وما رأته بعد أيَّامها فهو حيضٌ‏.‏

وقال الشَافعيُ‏:‏ ما رأته قبل أيَّامها، وبعد أيَّامها حيضٌ‏.‏

لنا‏:‏ قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏تجلس أيَّام أقرائها، ثم تغتسل‏"‏‏.‏

وقد سبق‏.‏

مسألة ‏(‏82‏)‏‏:‏ أقلُ الحيض يومٌ وليلةٌ

وقال أبو حنيفة‏:‏ أقلُه ثلاثة أيَّام، وقال مالك‏:‏ لا حدَ لأقله‏.‏

وللشَافعيٌ قولان‏:‏ أحدهما‏:‏ كقولنا‏.‏

والثَاني‏:‏ يومٌ‏.‏

دليلنا‏:‏ أن المرجع في ذلك إلى العرف‏:‏ 463- فروى الدارَقُطنيُ‏:‏ ثنا القاسم بن إسماعيل ثنا عبَّاس بن محمَد ثنا محمَد بن مصعب قال‏:‏ سمعت الأوزاعي يقول‏:‏ عندنا امرأةٌ تحيض غدوةً، وتطهر عشيَّةَ‏.‏

وقال عطاء‏:‏ رأيت من النِّساء من كانت تحيض يومَا، ومن كانت تحيض خمسة عشر يومَا‏.‏

وقال الشَافعيُ‏:‏ أثبت لي عن امرأة لم تزل تحيض يومَا‏.‏

ويقال لمالك‏:‏ ما عرف حيضٌ أقلُ من يوم‏.‏

احتجّوا بأحاديث‏:‏ أحدها‏:‏ قول النَبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لفاطمة بنت أبي حُبيش ‏"‏ دعي الصلاة أيَّام أقرائك‏"‏‏.‏

وأقل الأيام ثلاثة‏.‏

وقد سبق هذا الحديث‏.‏

464- الحديث الثاني‏:‏ قال الدَارَقُطْنيُ‏:‏ ثنا عثمان بن أحمد بن السَّمَّاك ثنا إبراهيم ‏[‏بن الهيثم‏]‏ البَلَديَّ ثنا إبراهيم بن مهدي المِصَّيصيُ ثنا ‏[‏حسان‏]‏ بن إبراهيم الكرمانيُ ثنا عبد الملك سمعتُ العلاء يقول‏:‏ سمعتُ مكحولاَ يحدث عن أبي أمامة قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏أقلُ ما يكون الحيض للجارية البكر والثَيب ثلاث، وأكثر ما يكون من المحيض عشرة أيَّام، وإذا رأت الدَّم أكثر من عشرة أيَّام فهي مستحاضةٌ‏"‏‏.‏

وقد رواه سليمان بن عمرو عن يزيد بن جابر عن مكحول‏.‏

465- قال الدَارَقُطْنيُ‏:‏ ثنا أبو حامد محمَد بن هارون ثنا محمَد بن أحمد ابن ‏[‏أنس‏]‏ ثنا حمَّاد بن المنهال البصريَّ عن محمَد بن راشد عن مكحول عن واثلة بن الأسقع قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏أقلُّ الحيض ثلاثةُ أيَّام، وأكثره عشرة أيَّام‏"‏‏.‏

466- وقال أبو أحمد بن عَدِي‏:‏ ثنا أحمد بن الحسن الكرخيُ ثنا الحسن ابن شبيب ثنا أبو يوسف عن الحسن بن دينار عن معاوية بن قُرَة عن أنس بن مالك أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏الحيض‏:‏ ثلاثة أيَّام، وأربعة، وخمسة، وستَة، وسبعة، وثمانية، وتسعة، وعشرة، فإذا جاوز العشرة فهي مستحاضة‏"‏‏.‏

467- وقال العُقيليُ‏:‏ ثنا جعفر بن محمَد بن بريق ثنا عبد الرحمن بن ‏[‏نافع‏]‏ ثنا أسد بن سعيدٍ البَجَليُ عن محمد بن الحسن الصُّدفي عن عُبادة بن نُسي عن عبد الرحمن بن غَنم عن معاذ بن جبل قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏لا حيض أقل من ثلاثٍ، ولا فوق عشرٍ‏"‏‏.‏

468- قالوا‏:‏ وقد روى حسين بن علوان عن هشام عن أبيه عن عائشة عن النَبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَه قال‏:‏ ‏"‏أكثر الحيض عشرٌ، وأقلُه ثلاثٌ‏"‏‏.‏

والجواب‏:‏ أمَّا الحديث الأوَل‏:‏ فإنَّما قال لفاطمة‏:‏ ‏"‏دعي الصلاة أيَّام أقرائك‏"‏‏.‏

على الأغلب، والأغلب وجود أيَّام ‏[‏في‏]‏ الحيض‏.‏

وباقي الأحاديث‏:‏ ليس فيها ما يصحُ‏:‏ أمَّا حديث أبي أمامة‏:‏ ففي طريقه الأوَّل‏:‏ عبد الملك، قال الدَارَقُطْنيُ‏:‏ هو رجل مجهولٌ‏.‏

قال‏:‏ والعلاء بن كثيِر ضعيف الحديث، ومكحول لم يسمع من أبي أمامة شيئاً‏.‏

قلت‏:‏ قال أحمد بن حنبل‏:‏ العلاء بن كثيِر ليس بشيءٍ‏.‏

وقال أبو زرعة‏:‏ واهي الحديث‏.‏

وقال ابن حِبَان‏:‏ يروي الموضوعات عن الأثبات‏.‏

وأمَّا طريقه الثاني‏:‏ فإن سليمان بن عمرو هو‏:‏ أبو داود النخعيُ، قال أحمد‏:‏ هو كذَّابٌ‏.‏

وسئل مرةَ‏:‏ أيضع الحديث‏؟‏ فقال‏:‏ نعم، أبو داود النخعي كان يضع الحديث‏.‏

وقال شَريك‏:‏ ذاك كذَاب النَّخَع‏.‏

وقال يحيى‏:‏ هو ممن يعرف بالكذب ووضع الحديث‏.‏

وقال مرَّةَ‏:‏ رجل سوءَ كذَّابٌ‏.‏

وقال يزيد بن هارون‏:‏ لا يحل لأحدِ أن يروي عنه‏.‏

وقال البخاري‏:‏ هو معروفٌ بالكذب‏.‏

وأخبرنا أبو منصور القَزَّاز‏:‏ أنا أبو بكر أحمد بن علي أنا ابن الفضل أنا عبد الله بن جعفر أنا يعقوب بن سفيان قال‏:‏ أبو داود النَّخَعي، رجل سوءَ، كذاب، كان يكذب مجاوبه‏.‏

قال إسحاق‏:‏ أتيناه فقلنا له‏:‏ أي شيءَ تعرف في‏:‏ أقلِّ الحيض وأكثره، وما بين الحيضتين من الطهر‏؟‏ فقال‏:‏ الله أكبر‏!‏ حدَثني يحيى بن سعيدِ عن سعيد بن المسيَّب عن النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وثنا أبو طوالة عن أبي سعيد الخدريِّ، وجعفر بن محمد عن أبيه عن جدِّه عن النَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏أقل الحيض ثلاثٌ، وأكثره عشرٌ، وأقل ما بين الحيضتين خمسة عشر يومًا‏"‏‏.‏

وكان هو و ‏[‏أبو‏]‏ البختري يضعان الحديث‏.‏

وأما حديث واثلة بن الأسقع‏:‏ فقال الدَارَقُطْنيُ‏:‏ حمَّاد بن المنهال مجهولٌ، ومحمد بن أحمد بن أنسِ ضعيفٌ‏.‏

قال ابن حِبان‏:‏ ومحمد بن راشدِ كان يأتي بالشيء على التوهُم، وكثرت المناكير في روايته، فاستحق ترك الاحتجاج به‏.‏

وأما حديث أنس‏:‏ ففيه‏:‏ الحسن بن دينارِ، وقد كذَّبه العلماء، منهم‏:‏ شعبة‏.‏

وفيه‏:‏ الحسن بن شبيب، قال ابن عَدِي‏:‏ حدَّث عن الثقات ببواطيل قال‏:‏ وهذا الحديث يعرف بالجلد بن أيُّوب عن معاوية بن قُرَّة ‏[‏قلت‏]‏‏:‏ كان إسماعيل بن عليَة يرمي الجلْد بن أيُّوب بالكذب وقال أحمد‏:‏ لا يساوي حديثه شيئاً‏.‏

قال‏:‏ وليس لهذا الحديث أصلٌ‏.‏

وقال الدَّارَقُطنيُّ‏:‏ متروكٌ‏.‏

وأمَّا حديث معاذ بن جبل‏:‏ ففيه محمد بن الحسن، قال العقيليُّ‏:‏ هو مجهولٌ، وحديثه غير محفوظِ‏.‏

قال‏:‏ وقد روى هذا الحديث محمَّد بن سعيدِ المصلوب عن عبادة بن نُسي، وليس ذاك بشيءٍ أصلاَ‏.‏

وأمَّا حديث عائشة‏:‏ فيرويه الحسين بن علوان، قال أبو حاتم بن حِبان‏:‏ كان يضع الحديث، لا يحلُّ كتب حديثه، كذَّبه أحمد ويحيى‏.‏

مسألة ‏(‏83‏)‏‏:‏ أكثر الحيض خمسة عشر يومَا‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ عشرة‏.‏

وهو يحتج بالأحاديث التي قدَّمناها، وقد تكلَّمنا عليها‏.‏

وأصحابنا قد ذكروا أنَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏تمكث إحداكن شطر عمرها لا تصلِّ‏"‏‏.‏

وهذا لفظ لا أعرفه‏.‏

مسألة ‏(‏84‏)‏‏:‏ الحامل لا تحيض

وقال مالك والشَّافعيُ- في أحد قوليه-‏:‏ تحيض‏.‏

لنا‏:‏ 469- ما روى أحمد‏:‏ ثنا أسود بن عامر أنا شَريك عن أبي إسحاق وقيس بن وهبٍ عن أبي الوَدَاك عن أبي سعيد الخدري أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏[‏قال‏]‏ في سبي أوطاس‏:‏ ‏"‏لا تُوطأ حاملٌ حتَّى تضع، ولا غير حامل حتَّى تحيضَ حيضةً‏"‏‏.‏

قال أبو بكر الأثرم‏:‏ قلت لأبي عبد الله‏:‏ ما ترى في الحامل ترى الدم، تمسك عن الصلاة‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏

قلت‏:‏ أيُّ شيءً أثبت في هذا الباب‏؟‏ فقال‏:‏ أنا أذهب في هذا إلى حديث محمَّد بن عبد الرحمن- مولى آل طلحة- عن سالم عن أبيه أنَّه طلَق امرأته وهي حائضٌ، فسأل عمر النَبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال‏:‏ ‏"‏مُرْه فليراجعها، ثم يطلقها طاهرًا، أو حاملاً‏"‏‏.‏

فأقام الطهر مقام الحمل‏.‏

فقلت‏:‏ ‏[‏فكأنَّك‏]‏ ذهبت بهذا الحديث إلى أن الحامل لا تكون إلا طاهرًا‏.‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

ز‏:‏ حديث أبي سعيد‏:‏ رواه أبو داود، وإسناده حسن‏.‏

وأبو الوَدَّاك‏:‏ اسمه‏:‏ جبر بن نَوف، من رجال ‏"‏ الصَّحيح ‏"‏ وحديث ابن عمر‏:‏ رواه مسلمٌ وأصحاب السُّنن‏.‏

وفي الاستدلال بالحديثين على أنَ الحامل لا تحيض نظرٌ O‏.‏

مسألة ‏(‏85‏)‏‏:‏ لانقطاع الحيض غاية، وفيها روايتان‏:‏ إحداهما‏:‏ خمسون سنة‏.‏

والأخرى‏:‏ ستون‏.‏

وقال أصحاب الشَافعيٌ‏:‏ لا غاية له‏.‏

واستدل أصحابنا بقول عائشة‏:‏ لن ترى المرأة ولدَا في بطنها بعد ‏[‏خمسين‏]‏ سنة‏.‏

مسألة ‏(‏86‏)‏‏:‏ أكثر النَّفاس أربعون يومَا‏.‏

وقال الشافعيُ‏:‏ ستون‏.‏

لنا أحاديث‏:‏ 470- قال الترمذي‏:‏ ثنا نصر بن علي ثنا شجاع بن الوليد عن عليٌ ابن عبد الأعلى عن أبي سهلٍ عن مُسة الأَزديةَ عن أمِّ سلمة قالت‏:‏ كانت النُفساء تجلس على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏[‏أربعين‏]‏ يومَا، وكنَّا نَطلي وجوهنا بالوَرس من الكَلَفِ‏.‏

قال البخاري‏:‏ علي بن عبد الأعلى ثقةٌ، وأبو سهل ثقةٌ‏.‏

ز‏:‏ رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه والدَارَقُطني وقال‏:‏ مُسَّة لا تقوم بها حجَّة‏.‏

وقال ‏[‏الترمذي‏]‏‏:‏ هذا حديثٌ لا نعرفه إلا من حديث أبي سهل عن مُسَّة عن أمِّ سلمة، واسم أبي سهل‏:‏ كثير بن زياد، ولم يعرف محمد هذا الحديث إلا من حديث أبي سهل‏.‏

وقال أحمد في عليِّ بن عبد الأعلى‏:‏ ليس به بأسٌ‏.‏

وقال أبو حاتم‏:‏ ليس بقويٍّ‏.‏

وقال إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين‏:‏ أبو سهل كثير بن زياد ثقة‏.‏

وقال أبو حاتم‏:‏ ثقةٌ من أكابر أصحاب الحسن O‏.‏

471- وقال الدَارَقُطْنيُ‏:‏ ثنا يزداد بن عبد الرحمن ثنا أبو سعيدِ الأشج ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن سلَّام بن ‏[‏سَلم‏]‏ عن حُميد عن أنسِ قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏وقت النُفساء أربعون يومَا، إلا أن ترى الطهر قبل ذلك‏"‏‏.‏

ز‏:‏ روى ابن ماجه لسلَّام هذا الحديث الواحد O‏.‏

472- وقال الدَارَقُطنيُ‏:‏ ثنا أحمد بن محمَّد بن سعيدِ ثنا أبو شيبة ثنا أبو بلال ثنا أبو شهاب عن هشام بن حسَان عن الحسن عن عثمان بن أبي العاص قال‏:‏ وقَت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للنساء في نفاسهن ‏[‏أربعين‏]‏ يومَا‏.‏

قال أبو بلال‏:‏ ثنا حِبَان عن عطاء ‏[‏عن‏]‏ عبد الله بن أبي مليكة عن عائشة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثله‏.‏

473- قال الدَارَقُطنِي‏:‏ وثنا عبد الباقي بن قانع ثنا موسى بن زكريا ثنا عمرو بن الحُصَين ثنا محمد بن عبد الله بن علاثة عن عَبدة بن أبي لبابة عن عبد الله بن باباه عن عبد الله بن عمرو قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏تنتظر النفساء ‏[‏أربعين‏]‏ ليلة، فان رأت الطَّهر قبل ذلك فهي طاهر، وإن جاوزت الأربعين فهي بمنزلة المستحاضة، تغتسل، وتصلّي، فإن غلبها الدَّم توضَّأَت لكلّ صلاة‏"‏‏.‏

474- وقد روى حسين بن علوان عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت‏:‏ وقَّت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للنُّفساء أربعين يومَا إلا أن ترى الطهر قبل، فتغتسل وتصلِّي، ولا يقربها زوجها في الأربعين‏.‏

هذه الأحاديث ليس فيها ما يصحُّ‏:‏ أمَّا الأوَل‏:‏ فلم يروه عن حُميد غير سلَّام الطَّويل، قال يحيى بن معينِ‏:‏ لا يكتب حديثه‏.‏

وقال النَسائي والدارَقُطني‏:‏ متروكٌ‏.‏

وقال عبد الرحمن بن يوسف بن خِرَاشِ‏:‏ كذَاب‏.‏

قال الدَارَقُطنيُ‏:‏ وأبو بلال الأشعريُّ ضعيفٌ، وعطاء هو‏:‏ ابن عجلان، متروك الحديث‏.‏

وعمرو بن الحصين وابن علاثة‏:‏ متروكان‏.‏

قال ابن حِبَان‏:‏ وكان حسين بن علوان يضع الحديث، كذَّبه أحمد ويحيى‏.‏

475- وقد روى أصحابنا عن أبي هريرة أن النَبيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏إذا مضى أربعون فهي مستحاضة، تغتسل وتصلِّي‏"‏‏.‏

وما أعرف هذا الحديث‏.‏